فصل: خَاتِمَةٌ فِي مَعْنَى السَّبْعِ الطُّوَالِ وَالْمِئِينِ وَالْمَثَانِي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.خَاتِمَةٌ فِي مَعْنَى السَّبْعِ الطُّوَالِ وَالْمِئِينِ وَالْمَثَانِي:

السَّبْعُ الطُّوَالُ مَعْنَاهَا: أَوَّلُهَا الْبَقَرَةُ، وَآخِرُهَا بَرَاءَةٌ. كَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ، لَكِنْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: السَّبْعُ الطُّوَالُ: الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَالْأَنْعَامُ وَالْأَعْرَافُ‏. قَالَ الرَّاوِي‏: وَذَكَرَ السَّابِعَةَ فَنَسِيتُهَا‏.
وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا يُونُسُ. وَتَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ‏. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَاكِم: أَنَّهَا الْكَهْفُ‏.
وَالْمِئُونُ مَعْنَاهَا: مَا وَلِيَهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لْأَنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنْهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ آيَةٍ أَوْ تُقَارِبُهَا‏.
وَالْمَثَانِي مَعْنَاهَا: مَا وَلِيَ الْمِئِينَ لْأَنَّهَا ثَنَّتْهَا‏، أَيْ: كَانَتْ بَعْدَهَا فَهِيَ لَهَا ثَوَانٍ، وَالْمِئُونُ لَهَا أَوَائِلُ‏.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ‏: هِيَ السُّورَةُ الَّتِي آيُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ آيَةٍ لْأَنَّهَا تُثَنَّى أَكْثَرَ مِمَّا يُثَنَّى الطُّوَالُ وَالْمِئُونَ‏.
وَقِيلَ: لِتَثْنِيَةِ الْأَمْثَالِ مِنْهَا بِالْعِبَرِ وَالْخَبَرِ. حَكَاهُ النِّكْزَاوِيُّ‏.
وَقَالَ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: هِيَ السُّوَرُ الَّتِي ثُنِّيَتْ فِيهَا الْقَصَصُ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ وَعَلَى الْفَاتِحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ‏.
وَالْمُفَصَّلُ مَعْنَاهُ وَأَوَّلُهُ: مَا وَلِيَ الْمَثَانِي مِنْ قِصَارِ السُّوَرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْفُصُولِ الَّتِي بَيْنَ السُّوَرِ بِالْبَسْمَلَةِ.
وَقِيلَ: لِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ وَلِهَذَا يُسَمَّى بِالْمُحْكَمِ أَيْضًا، كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ. وَآخِرُهُ سُورَةُ النَّاسِ بِلَا نِزَاعٍ‏.
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا:
أَحَدُهَا‏: (ق)، لِحَدِيثِ أَوْسٍ السَّابِقِ قَرِيبًا‏.
الثَّانِي‏: الْحُجُرَاتِ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ‏.
الثَّالِثُ: الْقِتَالِ، عَزَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِلْأَكْثَرِينَ‏.
الرَّابِعُ‏: الْجَاثِيَةِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
الْخَامِسُ‏: الصَّافَّاتِ.
السَّادِسُ‏: الصَّفِّ.
السَّابِعُ‏: تَبَارَكَ، حَكَى الثَّلَاثَةَ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ عَلَى التَّنْبِيهِ‏.
الثَّامِنُ‏: الْفَتْحِ، حَكَاهُ الْكَمَالُ الذِّمَارَيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ‏.
التَّاسِعُ: الرَّحْمَنِ، حَكَاهُ ابْنُ السِّيدِ فِي أَمَالِيهِ عَلَى الْمُوَطَّأِ‏.
الْعَاشِرُ‏: الْإِنْسَانِ.
الْحَادِي عَشَرَ‏: سَبِّحِ، حَكَاهُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمَرْزُوقِيِّ‏.
الثَّانِي عَشَرَ‏: الضُّحَى، حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ‏. وَوَجَّهَهُ: بِأَنَّ الْقَارِئَ يَفْصِلُ بَيْنَ هَذِهِ السُّوَرِ بِالتَّكْبِيرِ‏.
وَعِبَارَةُ الرَّاغِبِ فِي مُفْرَدَاتِه‏: الْمُفَصَّلُ مِنَ الْقُرْآنِ السُّبُعُ الْأَخِيرُ.
فَائِدَةٌ:
لِلْمُفَصَّلِ طِوَالٌ وَأَوْسَاطٌ وَقِصَارٌ، قَالَ ابْنُ مَعْنٍ‏: فَطِوَالُهُ إِلَى عَمَّ، وَأَوْسَاطُهُ مِنْهَا إِلَى الضُّحَى، وَمِنْهَا إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ قِصَارُهُ. هَذَا أَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ‏.
تَنْبِيهٌ:
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُفَصَّلُ، فَقَالَ‏: وَأَيُّ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِمُفَصَّلٍ؟ وَلَكِنْ قُولُوا: قِصَارُ السُّوَرِ وَصِغَارُ السُّوَرِ‏.
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ: سُورَةٌ قَصِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ. وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ‏.
وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَا‏: لَا تَقُلْ: سُورَةٌ خَفِيفَةٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [الْمُزَّمِّل: 5] وَلَكِنْ: سُورَةٌ يَسِيرَةٌ‏.
فَائِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِف: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ‏:
هَذَا تَأْلِيفُ مُصْحَفِ أُبَيٍّ: الْحَمْدُ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ آلُ عِمْرَانَ، ثُمَّ الْأَنْعَامُ، ثُمَّ الْأَعْرَافُ، ثُمَّ الْمَائِدَةُ، ثُمَّ يُونُسُ، ثُمَّ الْأَنْفَالُ، ثُمَّ بَرَاءَةٌ، ثُمَّ هَوَّدٌ، ثُمَّ مَرْيَمُ، ثُمَّ الشُّعَرَاءُ، ثُمَّ الْحَجُّ، ثُمَّ يُوسُفُ، ثُمَّ الْكَهْفُ، ثُمَّ النَّحْلُ، ثُمَّ الْأَحْزَابُ، ثُمَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ الزُّمَرُ أَوَّلُهَا حم، ثُمَّ طه، ثُمَّ الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ النُّورُ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ، ثُمَّ سَبَأٌ، ثُمَّ الْعَنْكَبُوتُ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُ، ثُمَّ الرَّعْدُ، ثُمَّ الْقَصَصُ، ثُمَّ النَّمْلُ، ثُمَّ الصَّافَّاتُ، ثُمَّ (ص)، ثُمَّ يس، ثُمَّ الْحِجْرُ، ثُمَّ حم عسق، ثُمَّ الرُّومُ، ثُمَّ الْحَدِيدُ، ثُمَّ الْفَتْحُ، ثُمَّ الْقِتَالُ، ثُمَّ الظِّهَارُ، ثُمَّ تَبَارَكَ الْمُلْكُ، ثُمَّ السَّجْدَةُ، ثُمَّ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا}، ثُمَّ الْأَحْقَافُ، ثُمَّ (ق)، ثُمَّ الرَّحْمَنُ، ثُمَّ الْوَاقِعَةُ، ثُمَّ الْجِنُّ، ثُمَّ النَّجْمُ، ثُمَّ {سَأَلَ سَائِلٌ}، ثُمَّ الْمُزَّمِّلُ، ثُمَّ الْمُدَّثِّرُ، ثُمَّ اقْتَرَبَتْ، ثُمَّ حم الدُّخَانُ، ثُمَّ لُقْمَانُ، ثُمَّ حم الْجَاثِيَةُ، ثُمَّ الطَّوْرُ، ثُمَّ الذَّارِيَاتُ، ثُمَّ (ن)، ثُمَّ الْحَاقَّةُ، ثُمَّ الْحَشْرُ، ثُمَّ الْمُمْتَحَنَةُ، ثُمَّ الْمُرْسَلَاتُ، ثُمَّ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، ثُمَّ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، ثُمَّ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، ثُمَّ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}، ثُمَّ النَّازِعَاتُ، ثُمَّ التَّغَابُنُ، ثُمَّ عَبَسَ، ثُمَّ الْمُطَفِّفِينَ، ثُمَّ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، ثُمَّ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، ثُمَّ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، ثُمَّ الْحُجُرَاتُ، ثُمَّ الْمُنَافِقُونَ، ثُمَّ الْجُمُعَةُ، ثُمَّ لِمَ تُحَرِّمُ، ثُمَّ الْفَجْرُ، ثُمَّ {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ}، ثُمَّ وَاللَّيْلِ، ثُمَّ {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}، ثُمَّ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، ثُمَّ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، ثُمَّ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ}، ثُمَّ الْغَاشِيَةُ، ثُمَّ الصَّفُّ، ثُمَّ سُورَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهِيَ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ الضُّحَى، ثُمَّ أَلَمْ نَشْرَحْ، ثُمَّ الْقَارِعَةُ، ثُمَّ التَّكَاثُرُ، ثُمَّ الْعَصْرُ، ثُمَّ سُورَةُ الْخُلْعِ، ثُمَّ سُورَةُ الْحَفْدِ، ثُمَّ {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ}، ثُمَّ إِذَا زُلْزِلَتْ، ثُمَّ الْعَادِيَاتُ، ثُمَّ الْفِيلُ، ثُمَّ لِإِيلَافِ، ثُمَّ أَرَأَيْتَ، ثُمَّ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ، ثُمَّ الْقَدْرُ، ثُمَّ الْكَافِرُونَ، ثُمَّ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}، ثُمَّ تَبَّتْ، ثُمَّ الصَّمَدُ، ثُمَّ الْفَلَقُ، ثُمَّ النَّاسُ‏.
قَالَ ابْنُ أَشْتَةَ أَيْضًا‏: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ مُوسَى، حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِهْرَانَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ‏: تَأْلِيفُ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:
الطُّوَالُ‏: الْبَقَرَةُ وَالنِّسَاءُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالْأَعْرَافُ وَالْأَنْعَامُ وَالْمَائِدَةُ، وَيُونُسَ‏.
وَالْمَئِينُ‏: بَرَاءَةٌ وَالنَّحْلُ وَهُودٌ وَيُوسُفُ وَالْكَهْفُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ وَالْأَنْبِيَاءُ وَطه وَالْمُؤْمِنُونَ وَالشُّعَرَاءُ، وَالصَّافَّاتُ‏.
وَالْمَثَانِي‏: الْأَحْزَابُ وَالْحَجُّ وَالْقَصَصُ وَطس النَّمْلُ وَالنُّورُ وَالْأَنْفَالُ وَمَرْيَمُ وَالْعَنْكَبُوتُ وَالرُّومُ وَيس وَالْفُرْقَانُ وَالْحِجْرُ وَالرَّعْدُ وَسَبَأٌ وَالْمَلَائِكَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَص وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَلُقْمَانُ وَالزُّمَرُ وَالْحَوَامِيمُ‏: حم الْمُؤْمِنُ وَالزُّخْرُفُ وَالسَّجْدَةُ وَحم وَعسق وَالْأَحْقَافُ وَالْجَاثِيَةُ وَالدُّخَانُ وَإِنَّا فَتَحْنَا لَكَ وَالْحَشْرُ وَتَنْزِيلُ السَّجْدَةُ وَالطَّلَاقُ وَن وَالْقَلَمُ وَالْحُجُرَاتُ وَتَبَارَكَ وَالتَّغَابُنُ وَ{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} وَالْجُمُعَةُ وَالصَّفُّ وَ{قُلْ أُوحِيَ} وَ{إِنَّا أَرْسَلْنَا} وَالْمُجَادَلَةُ وَالْمُمْتَحَنَةُ، وَ{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ}.
وَالْمُفَصَّلُ‏: الْرَحْمَنُ وَالنَّجْمُ وَالطَّوْرُ وَالذَّارِيَاتُ وَ{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} وَالْوَاقِعَةُ وَالنَّازِعَاتُ وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالْمُدَّثِّرُ وَالْمُزَّمِّلُ وَالْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ وَهَلْ أَتَى وَالْمُرْسَلَاتُ وَالْقِيَامَةُ وَ{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} وَ{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وَ{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} وَالْغَاشِيَةُ وَسَبِّحْ وَاللَّيْلُ وَالْفَجْرُ وَالْبُرُوجُ وَ{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وَالْبَلَدُ وَالضُّحَى وَالطَّارِقُ وَالْعَادِيَاتُ وَأَرَأَيْتَ وَالْقَارِعَةُ وَلَمْ يَكُنْ، وَ{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وَالتِّينُ وَ{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} وَ{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} وَ{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} وَ{أَلْهَاكُمْ} وَ{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} وَ{إِذَا زُلْزِلَتْ وَالْعَصْرُ} وَ{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} وَالْكَوْثَرُ وَ{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَتَبَّتْ وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ} وَأَلَمْ نَشْرَحْ وَلَيْسَ فِيهِ الْحَمْدُ وَلَا الْمُعَوِّذَتَانِ‏.

.النَّوْعُ التَّاسِعُ عَشَرَ: فِي عَدَدِ سُوَرِهِ وَآيَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِهِ:

أَمَّا سُوَرِه: فَمِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةٍ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ، وَقِيلَ: وَثَلَاثَ عَشْرَةَ، بِجَعْلِ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٌ سُورَةً وَاحِدَة.
أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ قَالَ‏: الْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةٌ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ‏: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنِ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٌ: سُورَتَانِ أَمْ سُورَةٌ؟ قَالَ‏: سُورَتَانِ‏.
وَنُقِلَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ‏: يَقُولُونَ إِنَّ بَرَاءَةٌ مِنْ يَسْأَلُونَكَ وَشُبْهَتُهُمُ اشْتِبَاهُ الطَّرَفَيْنِ وَعَدَمُ الْبَسْمَلَةِ‏. وَيَرُدُّهُ تَسْمِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلًا مِنْهُمَا‏.
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْإِقْنَاع: أَنَّ الْبَسْمَلَةَ ثَابِتَةٌ لِبَرَاءَةٌ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ بِهَذَا.
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا; لِأَنَّ جِبْرِيلَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ يَنْزِلْ بِهَا فِيهَا‏.
وَفِي الْمُسْتَدْرَك: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ: لِمَ لَمْ تُكْتَبْ فِي بَرَاءَةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا أَمَانٌ، وَبَرَاءَةٌ نُزِّلَتْ بِالسَّيْفِ‏.
وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَوَّلَهَا لَمَّا سَقَطَ سَقَطَ مَعَهُ الْبَسْمَلَةُ؛ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْدِلُ الْبَقَرَةَ لِطُولِهَا‏.
وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ سُورَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ سِتَّ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَ فِي آخِرِهِ سُورَتَيِ الْحَفْدِ وَالْخُلْعِ.
أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَتَبَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي مُصْحَفِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَاللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَتَرَكَهُنَّ ابْنُ مَسْعُودٍ‏. وَكَتَبَ عُثْمَانُ مِنْهُنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ‏.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ قَالَ‏: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ‏: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى حُبِّ أَبِي تُرَابٍ إِلَّا أَنَّكَ أَعْرَابِيٌّ جَافٌّ، فَقُلْتُ‏: وَاللَّهِ لَقَدْ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ أَبَوَاكَ، وَلَقَدْ عَلَّمَنِي مِنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سُورَتَيْنِ عَلَّمَهُمَا إِيَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلِمْتَهُمَا أَنْتَ وَلَا أَبُوكَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نُكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ‏.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ‏: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نُكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى نِقْمَتَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏: حِكْمَةُ الْبَسْمَلَةِ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ فِي مُصْحَفِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ‏.
وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ بِالسُّورَتَيْنِ، فَذَكَرَهُمَا، وَأَنَّهُ كَانَ يَكْتُبْهُمَا فِي مُصْحَفِهِ‏.
وَقَالَ ابْنُ الضُّرَيْس: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا الْأَجْلَحُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏: فِي مُصْحَفِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ وَأَبِي مُوسَى‏: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ. وَفِيه: اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَخْشَى عَذَابَكَ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ‏.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ‏: أَمَّنَا أُمِّيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ بِخُرَاسَانَ، فَقَرَأَ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْن: إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ‏.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ: «أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 128] لَمَّا قَنَتَ يَدْعُو عَلَى مُضَرَ‏».
تَنْبِيهٌ:
كَذَا نَقَلَ جَمَاعَةٌ، عَنْ مُصْحَفِ أُبَيٍّ أَنَّهُ سِتَّ عَشْرَةَ سُورَةً وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِنَّ سُورَةَ الْفِيلِ وَسُورَةَ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} فِيهِ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَنَقَلَ ذَلِكَ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَأَبِي نَهِيكٍ، أَيْضًا‏.
قُلْتُ‏: وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِسَبْعٍ» الْحَدِيثَ وَفِيه: «وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}».
وَفِي كَامِلِ الْهُذَلِيِّ، عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ‏: الضُّحَى وَأَلَمْ نَشْرَحْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، نَقَلَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ طَاوُسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ‏.
فَائِدَةٌ:
قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَسْوِيرِ الْقُرْآنِ سُوَرًا تَحْقِيقُ كَوْنِ السُّورَةِ بِمُجَرَّدِهَا مُعْجِزَةً وَآيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ كُلَّ سُورَةٍ نَمَطٌ مُسْتَقِلٌّ. فَسُورَةُ يُوسُفَ تُتَرْجِمُ، عَنْ قِصَّتِهِ، وَسُورَةُ بَرَاءَةٌ تُتَرْجِمُ عَنْ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ وَأَسْرَارِهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَسُوِّرَتِ السُّوَرُ سُوَرًا طِوَالًا وَأَوْسَاطًا وَقِصَارًا؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الطُّولَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِعْجَازِ فِي الْقُرْآنِ، فَهَذِهِ سُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَهِيَ مُعْجِزَةٌ إِعْجَازَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ لِذَلِكَ حِكْمَةٌ فِي التَّعْلِيمِ وَتَدْرِيجِ الْأَطْفَالِ مِنَ السُّورِ الْقِصَارِ إِلَى مَا فَوْقَهَا تَيْسِيرًا مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ لِحِفْظِ كِتَابِهِ‏.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَان: فَإِنْ قُلْتَ‏: فَهَلَّا كَانَتِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ كَذَلِكَ؟.
قُلْتُ‏: لِوَجْهَيْنِ‏، أَحَدُهُمَا‏: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَاتٍ مِنْ جِهَةِ النَّظْمِ وَالتَّرْتِيبِ.
وَالْآخَرُ: أَنَّهَا لَمْ تُيَسَّرْ لِلْحِفْظِ. لَكِنْ ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَا يُخَالِفُهُ، فَقَالَ فِي الْكَشَّاف:
الْفَائِدَةُ فِي تَفْصِيلِ الْقُرْآنِ وَتَقْطِيعِهِ سُوَرًا كَثِيرَةً، وَكَذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ، وَمَا أَوْحَاهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ مُسَوَّرَةً، وَبَوَّبَ الْمُصَنِّفُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَبْوَابًا مُوَشَّحَةَ الصُّدُورِ بِالتَّرَاجِم:
مِنْهَا‏: أَنَّ الْجِنْسَ إِذَا انْطَوَتْ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ وَأَصْنَافٌ كَانَ أَحْسَنَ وَأَفْخَمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَابًا وَاحِدًا‏.
وَمِنْهَا‏: أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا خَتَمَ سُورَةً أَوْ بَابًا مِنَ الْكِتَابِ ثُمَّ أَخَذَ فِي آخَرَ، كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْهُ لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابِ بِطُولِهِ، وَمَثَلُهُ الْمُسَافِرُ إِذَا قَطَعَ مِيلًا أَوْ فَرْسَخًا نَفَّسَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَنَشِطَ لِلسَّيْرِ، وَمِنْ ثَمَّ جُزِّئَ الْقُرْآنُ أَجْزَاءً وَأَخْمَاسًا‏.
وَمِنْهَا‏: أَنَّ الْحَافِظَ إِذَا حَذَقَ السُّورَةَ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ طَائِفَةً مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا فَيَعْظُمُ عِنْدَهُ مَا حَفِظَهُ‏.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ‏: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا». وَمِنْ ثَمَّ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ بِسُورَةٍ أَفْضَلَ.
وَمِنْهَا‏: أَنَّ التَّفْصِيلَ بِسَبَبِ تَلَاحُقِ الْأَشْكَالِ وَالنَّظَائِرِ وَمُلَاءَمَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ، وَبِذَلِكَ تَتَلَاحَظُ الْمَعَانِي وَالنُّظُمُ. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ. انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ تَسْوِيرِ سَائِرِ الْكُتُبِ هُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الزَّبُورَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سُورَةً، كُلُّهَا مَوَاعِظُ وَثَنَاءٌ، لَيْسَ فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ، وَذَكَرُوا أَنَّ فِي الْإِنْجِيلِ سُورَةً تُسَمَّى سُورَةُ الْأَمِثَالِ‏.